مسرح الجزويت.. تراث ثقافي وإنساني التهمته النيران
«مأساة متكاملة الأركان حيث لهيب النار لا يأكل الجدران فقط، وإنما يلتهم معها سنوات كاملة وذكريات عامرة بمشاهد مضيئة من الفن والإبداع، هكذا سادت حالة من الألم والفجيعة لدى حبي وعشاق مسرح الجزويت».
«مأساة متكاملة الأركان حيث لهيب النار لا يأكل الجدران فقط، وإنما يلتهم معها سنوات كاملة وذكريات عامرة بمشاهد مضيئة من الفن والإبداع، هكذا سادت حالة من الألم والفجيعة لدى حبي وعشاق مسرح الجزويت».
مع حلول الساعات الأخيرة من مساء أمس الأحد كان رواد الوسط الثقافي والفني مع خبر نشوب حريق في مسرح الجزويت والجمعية التابعة له وعدد من الباصات المدرسية بالفجالة.
وتستعرض الشروق في هذا التقرير الرصيد الثري الفني والثقافي الهائل الذي تتمتع به مدرسة وجمعية النهضة العلمية والثقافية «جيزويت القاهرة» والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1998 برقم 4499 القاهرة بمبادرة من الأباء والأخوة اليسوعيين "الجيزويت" وبعض الشخصيات العامة من المسلمين والمسيحيين المهمومين بقضايا الوطن الثقافية والمدنية والفنية، وغيرها من القضايا اللى تهم المصريين جميعاً، في حي الفجالة برمسيس.
وتضم الجمعية مجموعة من المدارس مثل السينما والمسرح الاجتماعي والرسوم المتحركة ومدرسة للعلوم الإنسانية.
مقر الجمعية هو استديو «ناصيبيان» والذي يعد أقدم ستوديو سينما في مصر، ويرأس الجمعية الأب وليم سيدهم اليسوعي، ويديرها الكاتب سامح سامى رئيس قسم الثقافة بجريدة الشروق، كما يدير صالون الجزويت الشهري الكاتب هشام أصلان.
وتلعب الجمعية دورا حيويا رائدا في الساحة الثقافية والفنية، حيث تحرص على التعاون مع مختلف الأجيال والأطياف الابداعية عبر العمل الجماعي التطوعي الابتكاري الحر.
* أهداف الجمعية
يعد هدف الجمعية الأساسي هو الارتقاء بالفنون، وأن يكون من حق الجميع تعلم مختلف الفنون مثل السينما والكتابة والمسرح والمزيكا والتصوير بكل أنواعه، ويتم ذلك من خلال الورش التعليمية التي تقدمها الجمعية، وتستعين في بعض الأحيان بفنانين عالميين في تدريب المشتركين.
* نشاطات متنوعة
دأب القائمون على الجزويت على تقديم وجبات فنية متنوعة شملت مجموعة من أشهر ورش الجمعية «مدرسة السينما» التي تخرج منها أكثر من دفعة بعضهم يعمل حاليًا في السينما والتليفزيون، ومن خلال الورش يستطيع المتدربين تعلم صناعة الأفلام القصيرة وتعلم الكتابة والإخراج والمونتاج وهندسة الصوت والجرافيك.
وتضع الجمعية مجموعة من الاعتبارات الإنسانية الراقية حيث استهدفت على مدار السنوات الماضية أن تستثمر في طاقات الشباب الإبداعية وأن تكون بمثابة حلقة وصل بين العديد من دوائر الثقافة والإبداع والفن وبين عموم المتلقين.
وكان يتصدر أجندة أولويات واهتمامات الجمعية عقد مهرجان سنوي، تحت عنوان «الفجالة»، ترصد وتتحدث عن منطقة الفجالة التاريخية، بخلاف تدشين مجموعة من المعارض التشكيلية والفوتوغرافية، وعرض أفلام تسجيلية ووثائقية مستقلة، وحفلات كورال وغناء، كما يتم عرض بعض الأفلام العالمية الحاصلة على جوائز عالمية، في قاعة السينما الموجودة داخل الجمعية.
* ستديو ناصيبان
يعد من أهم ستوديوهات مصر، حيث جرى فيه تصوير أكثر من 140 فيلما من رموز وعلامات السينما المصرية العريقة منهم: باب الحديد، الحفيد، الفتوة، شفيقة ومتولي، وأفلام كثيرة لأنور وجدي وإسماعيل ياسين وعادل إمام وغيرهم.
وتتميز الجزويت باحتوائها على أحد أقدم الاستديوهات السينمائية في مصر والمنطقة العربية، وهو «ستوديو ناصيبيان» الذي يعد ثان أقدم ستوديو سينمائي في مصر، قام بتأسيسه رئيس الجالية الأرمينية "هرانت ناصيبيان" الذي باعه بعد ثورة 23 يوليو مباشرة وهاجرمن مصر، حتى قام بشرائه الرهبنة اليسوعية وجمعية النهضة العلمية والثقافية- جيزويت القاهرة.
وكانت أكثر فترات عمل ستديو ناصيبيان إزدهاراً في الفترة من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى ثورة 23 يوليو 1945 - 1952.
* أخر الإسهامات
ظلت جمعية النهضة العلمية والثقافية، محتفظة بقدر كبير من الدأب ووتيرة العمل التي لم تتوقف حتى اللحظات الأخيرة من الحادث الأليم فقبلها مباشرة قد أطلقت مبادرة "المشاركة المجتمعية لتنمية الثقافة والفنون المستقلة"، في الساحة المفتوحة لمدرسة العائلة المقدسة برمسيس، بحضور عدد كبير من الكتّاب والفنانين ورجال الأعمال وخريجي مدرسة العائلة المقدسة.
وكان ذكر الأب وليم، كلمات لافتة، قال فيها: «نحن نمد أيادينا إلى المجتمع المدني المصري والفنانين ورجال الأعمال من خريجي مدرسة العائلة المقدسة العريقة حتى نستطيع أن نضمن استمرارية صفوة المساهمات في مجال السينما والرسوم والمسرح والعلوم الإنسانية».