ملف صناعة السينما في مصر افتتاحية ملف العدد 11 من الفيلم
افتتاحية ملف العدد 11 من الفيلم
ارتبطت السينما المصرية في الوعي الجمعي لشبابنا بوصف الأزمة، وعلى مدى سنوات طرحت ونوقشت وظهر الخلاف ليس حول وجود الأزمة بل عن أسبابها وصيرورتها، وهنا في ملف العدد الحادي عشر "صناعة السينما المصرية" ، يتساءل ضياء حسني " أزمة صناعة أم أزمة مجتمع؟" مستعرضا البدايات وصولا إلى ما انتهت إليه هنا والآن، بأسلوب آخر تقف أماني صالح عند محطات على طريق الريادة وترصد تعثرات مطبات الشيخوخة، قراءة أخرى للتاريخ ومن زاوية مختلفة يصحبنا فيها حسام حافظ مع الفيلم الغنائي ورحلته من أنشودة الفؤاد إلى مولد يا دنيا، بينما فضل مصطفى بيومي التركيز على رائدة من الرواد آسيا ووصفها بأنها صانعة البهجة، تعدد زوايا تناول الماضي لم ينسينا الحاضر عبر المؤسسات التي تشكل أعمدة السينما المصرية فيجري إسلام أنور حوارا مشاكسا مع مسئول بغرفة صناعة السينما، وتكتب أمنية عادل عن المركز القومي للسينما وأنه لم يعد كيانا يصنع السينما بل أصبح عمالة زائدة وإنتاج قليل . وماذا عن حال مصنع الأجيال القادمة المعهد العالي للسينما، في بحثه يستعرض د. نادر الرفاعي جانبا من أحواله بين البحث العلمي والدراسة الأكاديمية، فيما يمثل مقدمة فقط للدخول إلى حقل تعليم السينما في مصر والذي يستحق عددا خاصا للوقوف على ملامحه وبين إيجابياته وسلبياته. بالطبع لا يمكن أن ينتهي ملف صناعة السينما دون تناول الصرح الكبير ستديو مصر ليس كما أنشأه طلعت حرب ولكن بمعرفة جانبا مما عليه الآن وذلك من حوار عزة ابراهيم مع المنتجة منى أسعد عضو مجلس الإدارة وحديثها الصادق عن الوضع الحالي. ناصيبان الاستديو المنسي أيضا يشير محمد حافظ إلى أهميته التي سقطت من الذاكرة.
من التاريخ ننطلق فورا إلى تجربة شاب من أحدث أجيال صناع السينما المستقلة المخرج محمد رشاد الذي اختار أن يكون فيلمه صوتا للمهمشين تحاوره وفاء السعيد ونتعرف على أحلامه وطموحات جيله. في مصر حيث مازال حديث الوصاية ساريا لابد من التوقف عند الرقابة ترصد بسنت الخطيب مطاردتها للإبداع وكيف كانت أحد أسباب تدهور السينما المصرية، صرخة أخرى عن تناقص دور العرض فيتساءل مينا عادل" فين السيما اللي كانت هنا" وصرخة أخرى عن التراث وكونه في خطر كبير حيث يكتشف محمد حافظ كثيرا من الحقائق عن كارثة ضياع تراث السينما المصرية الذي يتكالب عليه الطامعون. تتساءل عزة خليل عن أسباب شحوبها في دائرة السينما العالمية مقارنة ببلدان تشبهنا؟ ، وأسئلة تتعلق بالمرأة المصرية وكيف احتلت عجلة القيادة رغم صورة نمطية لها مع أمنية عادل ، فهل غطينا جوانب السينما المصرية عبر هذه المقالات؟ بالطبع ليس ما ستجدونه هنا إلا قطرة من بحر السينما المصرية، الصناعة الوحيدة في المنطقة العربية مهما حدث لها من تدهور وعثرات. السينما اللبنانية، كصناعة وليدة تتوقف عندها ناهد نصر فتكشف عن بقعة ضوء تنير لرودها، وتنقلنا أمل ممدوح مع فيلليني وكيف تصنع فيلما على طريقته في باب عرض الكتب الذي نسعى لتثبيته بالفيلم،إلى جانب باب نادي السينما والمهرجانات فيه تقدم سارة محمد قراءة في الدورة الأولى لأيام القاهرة السينمائية، ونقدا لفيلم فرانتز. كبير السينما المصرية يوسف شاهين يكتب عنه مالك خوري من زاوية التجربة الشاهينية فى الاشتباك الحي مع هوليوود فى الناصر صلاح الدين، كملحمة تاريخية معادية للاستعمار. وهكذا لم نتمكن من الاكتفاء بملفات السينما المصرية، تاريخها ومؤسساتها ومشاكلها بل توقفنا عند رموز ساهموا في بناء قواعدها، في شهادتها عن المونتاج ونجومه تكشف صفاء عن جانب من خصوصية صناعة السينما، ويتضح التطور مع دراسة هامة عن الانتقال من خام الفيلم إلى التصوير الرقمى وحوار بين مدير التصوير الكبير فيتوريو ستورارو والمخرج المؤلف وودى آلان، ترجمة محمد طارق. الفوتوغرافيا لها نصيب في العدد مع الرسام مان راي وفلسفته يقربها لنا أحمد السروجي، بينما يقربنا خالد عبد العزيز من جماليات الصورة في عدد من أفلامنا المصرية .
حسن شعراوي بلقائه مع بهنا يصحح تاريخ البدايات فيما يبدو أنه جهد لا ينتهي من اجتهادات كتابة تاريخ السينما المصرية متواصل دوما. صناعة السينما المصرية تستحق كشفا متواصلا وإضاءة مستمرة على رموزها، وعد نقطعه على أنفسنا لنواصل التنقيب عن ثروتنا دون الاكتفاء بالندب على ضياعها.